--------------------------------------------------------------------------------
الـــنجاح مــا هــو؟
الحقيقة أن العنوان المدرج لهذه المقالة غير مناسب بعض الشيء، فعندما يطرح السؤال: ماهو النجاح؟ فمعنى هذا أن الإجابة يجب أن تكون محددة ودقيقة إلى حد ما بحيث أنها يجب أن تحمل تعريف واضح للنجاح يتفق عليه كثير من الناس، وبالفعل فهذا الذي لن يحصل فالنجاح شيء نسبي يختلف من شخص لآخر ويتغير من مجتمع لآخر كما انه متغير في الزمن كذلك، فالنجاح في زمننا وعصرنا هذا غير النجاح في القرون الوسطى مثلا، كما أن النجاح ليس له حد ولا نهاية، وهو مرتبط بالطموح الذي لا حدود له، فالإنسان الطموح كلما وصل إلى نجاح واستطاع أن يحقق هدفا من أهدافه تراءت له أهداف أخرى وطمع في نيلها وتحقيقها والوصول إليها.
إذن والحال هذا فكيف نعرف الإنسان أنه ناجح ومن هو الذي سننعته بالناجح، ولو قمنا بتعداد الكلمات والمقولات التي قيلت في النجاح لما استطعنا عدها على كثرتها وتنوعها، لأنه وببساطة النجاح ينظر إليه من منظار شخصي ذاتي فالذي أراه أنا نجاحا قد يبدو لآخر على أنه بداية فقط أو أنه فشل.
النجاح بالنسبة للإنسان الذي يضع هدفا نصب عينيه قد يعرفه على أنه الوصول إلى تحقيق الهدف الذي حدده من قبل، وقد يقول آخر أن النجاح هو كل خطوة في سبيل تحقيق هدف كبير وإثبات مبدأ وتحقيق رسالة.
يقدم لنا الدكتور عوض بن محمد القرني تعريف للنجاح بقوله: "وما النجاح إلا القوة والحق والعزيمة والثبات، وما الفشل إلا الباطل والعجز وضعف الهمة واضطراب الرأي". وبالتمعن في هذا التعريف نكتشف أن الدكتور قابل النجاح بالفشل وهو نقيضه تماما وقدم عناصر كل منهما، فعناصر النجاح تتمثل في: القوة والحق والعزيمة والثبات، أما عناصر الفشل فهي على النقيض من العناصر الأولى وهي: الباطل والعجز وضعف الهمة واضطراب الرأي.
أما الزعيم الهندي جواهر لال نهرو فقال: "غالبا ما يكون النجاح حليف الذين يعملون بجرأة، وناذرا ما يكون حليف أولئك المترددين الذي يتهيبون المواقف ونتائجها". وبالرغم من أن القولين مختلفان إلا أنهما يلتقيان في نقطة واحدة وهي أن النجاح كل لا يتجزأ، بمعنى أنه لا يمكن أن يكون الإنسان ناجحا في حياته المهنية وفاشلا في حياته الأسرية، كما أن النجاح لا يمكن قياسه بالموقع الذي يتبوأه المرء في حياته ولكنه يقاس بعناصر تجتمع لتعطينا الإنسان الناجح والمتفوق.
الإنسان الناجح نعرفه من سلوكه ومن شخصيته التي تتصف بصفات معينة وقد تختلف من إنسان لآخر ولكنها عموما تشترك في عناصر يمكن أن نوجزها فيما يلي:
v هدوء البال فالناجح يتصف بهدوء الطبع وصفاء السريرة، لا يشعر بإحساس المذنب اتجاه الناس كما أنه لا يشعر بالخوف فهو مطمئن النفس وهادئ البال.
v لديه شعور قوي بأنه استطاع أن يحقق ذاته ويثبت وجوده.
v علاقاته مع جميع الناس طيبة وحسنة، لا يحمل ضغينة ولا حقدا لأحد.
v لديه مستوى عال جدا من القناعة والرضي النفسي، غير متذمر ولا يشكو من أي شيء.
v لديه أهداف نبيلة سامية تخدم مجتمعه قبل أن تخدمه، يسعى إلى تحقيقها بكل عزم وإرادة.
v لديه مستوى عال من الطاقة، فلا يتعب ولا يشكو من التعب، ينهي عمله بنفس الوتيرة التي بدأه بها، لا يعرف العجز والكسل.
هذا تقديم فقط لما هو النجاح ويبقى غير كافي لمعرفة من هو الناجح؟ ومن هو الفاشل؟ فكما سبق وذكرت أن هذا الأمر نسبي ولكل واحد زاويته التي ينظر بها إلى هذا الأمر، ولكن وعلى العموم فالناجح هو إنسان سعيد عموما ومتزن غير مفرط في كل كبيرة وصغيرة في حياته